رحلة1 هي بوابتك العربية لاكتشاف العالم بروح فضولية وشغوفة، حيث نأخذك في جولات سياحية ملهمة تكشف لك عن مدن وأماكن وتجارب تنبض بالحياة.
نقدم محتوى عربيًا مبسطًا وموثوقًا عن التخطيط الذكي للرحلات، ونصائح واقعية تهم كل من يعشق السفر والاستكشاف.
نغطي تجارب السفر، الثقافة المحلية، وأسلوب الحياة حول العالم، بلغة عربية جذابة تقرب المسافات وتثري المعرفة.
يعمل على الموقع فريق من عشّاق الترحال يقدمون لك محتوى توعويًا وتجارب موثقة تساعدك على صنع رحلة فريدة تجمع بين المتعة، التوفير، والفهم الثقافي العميق.

رحلة إلى الأحياء اليابانية التقليدية "الغيشا" في كيوتو

رحلة إلى الأحياء اليابانية التقليدية "الغيشا" في كيوتو

مدن تنبض بالحياه:

هل سبق لك أن تجولت في زقاق عتيق بمدينة كيوتو مع حلول الغسق، حيث تتلألأ الفوانيس الورقية بضوء خافت على الحجارة المرصوفة، وفجأة تلمح طيفًا رشيقًا يمر بخطى سريعة.

فمن هن حقًا وما هي حكايتهن التي تختبئ خلف هذا الجمال الأسطوري. انضم إلينا في رحلة لكشف أسرار عالم الغيشا الساحر في قلب اليابان النابض بالتقاليد.

رحلة إلى الأحياء اليابانية التقليدية "الغيشا" في كيوتو
رحلة إلى الأحياء اليابانية التقليدية "الغيشا" في كيوتو

أ/ فنانات الزمن الجميل. من هن الغيشا حقًا؟

لفهم هذا العالم الفريد يجب أولًا أن نصحح المفاهيم الشائعة. إن كلمة الغيشا  في اللغة اليابانية تعني حرفيًا "فنان" أو "شخص الفنون"، وهذا هو جوهر هويتهن.

فهن فنانات محترفات ومضيفات على درجة عالية من المهارة والثقافة. يكرسن حياتهن لإتقان وصون الفنون اليابانية التقليدية، وفي مدينة كيوتو تحديدًا.

 يُطلق عليهن اسم الغيكو وهو مصطلح يعني "امرأة الفن" ويشير إلى مستوى أعلى من الإتقان والالتزام بالتقاليد العريقة للمدينة.

أما الفتاة التي لا تزال في طور التدريب فتُعرف باسم المايكو. وهي تقضي حوالي خمس سنوات في تدريب صارم يبدأ عادة في سن الخامسة عشرة بعد إتمامها التعليم الإعدادي.  

إن دور الغيكو يتجاوز الترفيه السطحي. فهن بمثابة أمينات حية على التراث الثقافي الياباني. يشتمل تدريبهن على فنون متعددة ومعقدة.

 بالإضافة إلى إتقان فن المحادثة الذكية والجذابة وتقديم طقوس الشاي اليابانية العريقة. هذه الفنون تنتقل حصريًا من معلمة إلى تلميذة عبر الأجيال.

ومن الضروري هنا تفنيد الفكرة الخاطئة والأكثر شيوعًا في الثقافة الغربية. فالغيشا لسن بائعات هوى على الإطلاق. يعود هذا الالتباس إلى أسباب تاريخية محددة.

اقرأ ايضا : أفضل المدن لمشاهدة فن الشارع: من برلين إلى بوغوتا

ورغم عملهن في نفس المناطق إلا أن دور الغيشا كان فنيًا بحتًا وسرعان ما طغت شعبيتهن على الأويرن لكونهن أكثر قربًا من الزبائن وأقل تكلفة.

 أما السبب الثاني والأكثر تأثيرًا في تشويه سمعتهن. فيعود إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. في الحقيقة، تتمتع الغيشا في اليابان بمكانة اجتماعية محترمة كفنانات وسفيرات للثقافة اليابانية الأصيلة.  

ب/ رحلة عبر أزقة كيوتو العتيقة. أين تلتقي بالمايكو والغيكو؟

تعد كيوتو المركز الرئيسي لعالم الغيشا في اليابان. وهي تحتضن خمسة أحياء نشطة تُعرف باسم "هاناماتشي"  أو "مدن الزهور"، ولكل حي من هذه الأحياء طابعه الخاص الذي يمنح الزائر تجربة مختلفة.  

حي جيون (Gion District): القلب النابض للتقاليد يعتبر حي جيون أشهر وأكبر أحياء الغيشا على الإطلاق. وهو يجسد صورة كيوتو القديمة بمنازله الخشبية التقليدية المعروفة باسم "ماتشيا" وشوارعه المرصوفة بالحصى. ينقسم جيون إلى مناطق عدة لكل منها سحرها الخاص.  

  • شارع هاناميكوجي (Hanamikoji Street): هذا هو الشارع الرئيسي في جيون. ويعتبر أفضل مكان في كيوتو لمحاولة رؤية غيكو أو مايكو وهي في طريقها إلى أحد مواعيدها في المساء.  
  • منطقة شيراكاوا (Shirakawa Area): إذا كان هاناميكوجي هو وجه جيون الصاخب. فإن شيراكاوا هي روحه الهادئة.
  • كما تتميز هذه المنطقة بقناة مائية خلابة تصطف على جانبيها أشجار الصفصاف والمطاعم الأنيقة. توفر أجواء أكثر هدوءًا بعيدًا عن صخب الحشود. وهي مثالية للمصورين والباحثين عن جمال كيوتو الساكن.  

منطقة بونتوتشو (Ponto-chō): زقاق النكهات والأضواء يتميز هذا الحي بطابعه الفريد. فهو عبارة عن زقاق واحد ضيق وطويل يمتد بمحاذاة نهر كامو. عند حلول المساء، تضاء فوانيسه الورقية لتخلق مشهدًا ساحرًا.

ويشتهر بتركيزه الكبير على المطاعم والبارات التي تقدم مختلف أنواع المأكولات. من الأطباق اليابانية التقليدية الفاخرة إلى الخيارات ذات الأسعار المعقولة، مما يجعله مركزًا حيويًا للحياة الليلية في كيوتو.  

لكي تزيد من فرصة مشاهدة إحدى هؤلاء الفنانات. هناك نصيحة ذهبية، أفضل وقت للتجول في هذه الأحياء هو عند الغسق. وتحديدًا بين الساعة 5:45 والسادسة مساءً. في هذا الوقت، تخرج الغيكو والمايكو من بيوتهن المعروفة باسم "أوكيا" ويتوجهن إلى بيوت الشاي لبدء عملهن المسائي.  

ج/ أسرار الكيمونو والمكياج. فك رموز عالم الجمال الياباني:

إن مظهر الغيكو والمايكو ليس مجرد زي جميل، بل هو لغة بصرية معقدة تحكي قصة رحلتهن الفنية ومكانتهن في مجتمعهن المغلق. كل تفصيل في ملابسهن ومكياجهن يحمل معنى ورمزية. ويمكن اعتباره سيرة ذاتية مرئية تكشف عن خبرتهن ومستواهن.

لغة الكيمونو الياباني:

  • المايكو: ترتدي المايكو الكيمونو الياباني ذا الألوان الزاهية والأكمام الطويلة المتدلية الذي يُعرف باسم "فوريسودي". وحزام الخصر العريض "أوبي" يكون طويلًا جدًا وملونًا بألوان فاقعة.
  • وينسدل على ظهرها بطريقة مميزة تسمى "داراري أوبي". كل هذه التفاصيل ترمز إلى حداثة سنها وكونها لا تزال متدربة.  
  • الغيكو: على النقيض تمامًا. يعكس كيمونو الغيكو النضج والرصانة، فألوانه أكثر هدوءًا ورسمية، وأكمامه قصيرة، وحزام الأوبي يُربط على شكل عقدة مربعة بسيطة وأنيقة، مما يدل على أنها فنانة مكتملة الخبرة.  

الياقة الرمزية (Eri) تعتبر ياقة الكيمونو من أوضح العلامات الفارقة، فالمايكو ترتدي ياقة حمراء اللون. غالبًا ما تكون مطرزة بخيوط بيضاء أو فضية أو ذهبية.

فن المكياج (Oshiroi):

  • المايكو: في عامها الأول. تضع المايكو المبتدئة أحمر الشفاه على شفتها السفلى فقط، كدليل على براءتها وقلة خبرتها. يتميز مكياجها بلمسات أكثر من اللونين الأحمر والوردي حول العينين وعلى الخدين. لخلق تباين جذاب يُعرف باسم "إري-آشي".  
  • الغيكو: تضع الغيكو أحمر الشفاه على كلتا الشفتين. ويكون مكياجها بشكل عام أكثر بساطة ورقيًا. ليعكس نضجها وحكمتها.  

تسريحات الشعر والزينة

  • المايكو: تستخدم المايكو شعرها الطبيعي لتصفيفه في تسريحات معقدة تتغير مع تقدمها في التدريب. وهذا يجبرها على النوم على وسادة خشبية خاصة مرتفعة تسمى "تاكاماكورا" للحفاظ على تسريحتها لعدة أيام. وتزين شعرها بدبابيس زهرية مذهلة تسمى "كانزاشي" تتغير أشكالها وألوانها مع تغير فصول السنة.  
  • الغيكو: ترتدي الغيكو شعرًا مستعارًا متقن الصنع يسمى "كاتسورا"، وهذا ليس فقط لحماية شعرها من الإرهاق المستمر للتصفيف، بل هو أيضًا رمز لمكانتها. فهي قد اكتسبت الحق في هذه الراحة بعد سنوات من التدريب الشاق.  

د/ آداب الزيارة. كيف تكون سائحًا مثاليًا في عالم الغيشا؟

لقد أدت الشعبية الهائلة لمدينة كيوتو وأحيائها التقليدية إلى تحديات كبيرة تتعلق بالسياحة المفرطة. وللأسف، أدت سلوكيات بعض السياح غير المحترمة إلى إزعاج مجتمع الغيشا.

حتى أنه تم إطلاق مصطلح "باباراتزي الغيشا" لوصف السياح الذين يطاردون هؤلاء الفنانات في الشوارع. ونتيجة لذلك، فرضت السلطات المحلية قواعد صارمة لحماية خصوصية وسلامة الغيكو والمايكو.

ولكي تكون زيارتك تجربة إيجابية لك ولهن. من الضروري الالتزام ببعض القواعد الأساسية. إن احترامك لهذه الثقافة ليس مجرد لطف، بل هو مساهمة فعالة في الحفاظ على هذا العالم الجميل من الانغلاق على نفسه أكثر.  

القواعد الذهبية للاحترام:

  • لا تعترض طريقهن: لا تقف أبدًا في طريق غيكو أو مايكو أو تمنعها من المرور. ممنوع اللمس: لا تلمسهن أو تلمس الكيمونو الخاص بهن أو زينة شعرهن تحت أي ظرف من الظروف، فملابسهن باهظة الثمن وحساسة للغاية.  
  • التصوير بمسؤولية: انتبه جيدًا، لقد أصبح التصوير الفوتوغرافي ممنوعًا تمامًا في الشوارع الخاصة داخل حي جيون. في المناطق العامة التي لا يزال التصوير فيها مسموحًا. حافظ على مسافة محترمة، ولا تستخدم الفلاش أبدًا، وتجنب مطاردتهن في الأزقة، فهذا سلوك غير مقبول على الإطلاق.  
  • احترم الممتلكات الخاصة: بيوت الشاي "أوتشايا" ومنازل إقامة الغيشا "أوكيا" هي أماكن عمل ومنازل خاصة. لا تحاول الدخول إليها أو إلقاء نظرة خاطفة من النوافذ أو التجمهر أمام مداخلها.  
  • ميز بين السائح والفنانة: ستشاهد الكثير من الأشخاص يرتدون الكيمونو في شوارع كيوتو. معظمهم من السياح الذين يستأجرون الزي ليوم واحد، وعادة ما يسعدهم التقاط الصور معهم.
  • أما الغيكو أو المايكو الحقيقية فتتميز بمشيتها الواثقة والسريعة وحركتها الرشيقة، وهي لن تتوقف لالتقاط الصور مع السياح لأنها تكون في طريقها إلى عملها.  

هـ/ وفي الختام:

عالم الغيشا في كيوتو يتجاوز المظاهر البصرية الجذابة ليعكس تقاليد عميقة وثقافة غنية متجذرة في التاريخ.. إنه عالم من الفن والتاريخ والتفاني. رحلة عبر أزقة جيون وبونتوتشو ليست مجرد جولة سياحية، بل هي غوص في أعماق ثقافة يابانية أصيلة حافظت على رونقها عبر القرون.

 من خلال فهمنا لدورهن الحقيقي كفنانات وحارسات للتراث، وفك رموز جمالهن المتقن. والأهم من ذلك، التزامنا بآداب الزيارة. فإننا لا نضمن فقط تجربة لا تُنسى لأنفسنا، بل نساهم أيضًا في حماية هذا العالم الهش والجميل، لنترك أثرًا إيجابيًا ونحافظ على سحر كيوتو للأجيال القادمة.

هل سبق لكم زيارة كيوتو أو مشاهدة إحدى الغيكو؟ شاركونا تجاربكم وأسئلتكم في التعليقات أدناه. نتطلع بشوق لقراءة تفاعلكم.

اقرأ ايضا : جولة في مكتبات العالم التاريخية: من دبلن إلى براغ

هل لديك استفسار أو رأي؟

يسعدنا دائمًا تواصلك معنا! إذا كانت لديك أسئلة أو ملاحظات، يمكنك التواصل معنا عبر صفحة [اتصل بنا] أو من خلال بريدنا الإلكتروني، وسنحرص على الرد عليك في أقرب فرصة ممكنة

أحدث أقدم

منصة دوراتك استخدم كود R1 واحصل على خصم اضافي15%

نموذج الاتصال